تعد مدرسة أبو بكر مزهر من أجمل المنشآت والآثار الإسلامية في القاهرة التاريخية داخل حارة برجوان المتفرعة من شارع المعز لدين الله، وترجع إلى دولة مماليك جراكسة، أنشأها زين الدين أبو بكر محمد بن محمد بن أحمد بن مزهر المعروف بابن مزهر، ناظر ديوان الإنشاء (884 - 885 هـ، 1479 - 1480م)، ولها واجهتان خاليتان من الزخارف.
بابها البحري له عتبة منقوشة نقشا جميلا، وكذلك بابها الشرقي، وتعلو هذا الباب مئذنة من ثلاث دورات بها كثير من الزخارف، وجهة كل من الإيوانين الشرقي والغربي محمولة على عمودين يحملان ثلاثة عقود، وداخل المدرسة حافل بشتى الصناعات الجميلة، لا سيما صناعة الرخام والنجارة، ويتمثل ذلك في منبر المسجد الملحق بها والأبواب والخزانات، وفي نهاية الواجهة القبلية سبيل وكتاب وقد نقش بطراز سقف السبيل اسم المنشئ وألقابه.
ويقرأ على السبيل النص التالي: "أمر بإنشاء هذا السبيل المبارك العبد الفقير المعترف الأمير العالي القاضوي الأصيلي الصيرفي العالمي العاملي أبو بكر مزهر الأنصاري الشافعي ناظر ديوان الإنشاء الشريف الملكي الأشرفي غفر الله له وللمسلمين، وكان الفراغ منه في عام أربع وثمانين وثمانمائة".
وأنشأت المدرسة على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد، ويتكون من صحن أوسط تتعامد عليه أربعة إيوانات، ويطل الإيوانان الشرقي والغربي على الصحن بثلاثة عقود نصف دائرية، والإيوانان الشمالي والجنوبي بعقد واحد نصف دائري، ويغطي الدرقاعة سقف به شخشيخة، وذكر علي مبارك أن جامع أبو بكر مزهر محكم البناء باق على هيئته الأصلية ويتبعه سبيل كبير وشعائره مقامه من ريع أوقافه.
وعلى يمين المدخل مئذنة ذات بدن دائري تقوم على قاعدة مربعة، وتتكون المئذنة من ثلاث دورات يزين بدنها من الخارج زخارف نباتية وهندسية ومعمارية، وتتكون كتلة السبيل والكتاب والقاعة الملحقة بالمسجد من ثلاثة أدوار ويوجد السبيل وملحقاته في الدور الأرضي، والكتاب بالدور الثاني والقاعة بالدور الثالث وهى مستطيلة أمامها طرقة واسعة بها أرفف من الخشب يبدو أنها كانت تستخدم كمكتبه للمدرسة.
والمدرسة من المباني المعلقة توجد تحتها مجموعة من الحواصل (مفردها حاصل وهى حجرة أو خلوة)، يبدو أنها كنت سكنا للدارسين والمتصوفين، وفرشت أرض الصحن وأرضية الإيوانات بالرخام الملون بتقاسيم هندسية جميلة، ويحيط بجدار إيوان القبلة وزرة مرتفعة من الرخام الملون يتوسطها محراب رخامي جميل يقوم إلى يمينه منبر خشبى دقيق الصنع، تعلوها شبابيك من الجص المفرغ المحلى بالزجاج الملون.
وقد سجل الصانع الذي قام بأعمال الزخرفة والنقوش فى المسجد اسمه فى وسط عقد الشباك المجاور للمحراب بأن كتب "عمل عبد القادر النقاش"، وهذه ظاهرة نادرة الوجود، إذ أننا نشاهد عادة ضمن الكتابات الموجودة بالمساجد الأثرية اسم المنشئ سواء أكان ملكا أو أميرا، ونجهل اسم المهندس واضع تصميم المسجد أو الصانع الذى ساهم فى نقشه وزخرفته، ولا تقل أسقف المسجد عن غيرها من أجزائه المختلفة روعة وجمالا، فهى مصنوعة من الخشب على شكل مربعات وطبال منقوشة بزخارف دقيقة مموهة بالذهب.